االى عالم الكبار، دعوا الأعياد للطفولة 

د. سميرة مبيض 

 8/12/2022

تتالى الأعياد السنوية لجميع الثقافات الإنسانية وككل عام تتراكم حولها المواد التجارية والمرابح المادية لتحولها لملاعب ربح تنافسية ومناسبات منفعية لمعامل الأطعمة والمشروبات والمطاعم وسواها، وككل عام يغيب شيء من جوهر العيد في مخيلة أطفال العالم فيكتفون بتلقي ما رسمه عالم تجاري عن هذا العيد أو ذاك، وليس ذلك أسوأ ما في الأمر بل ينجر البعض لاستخدام مناسبات إنسانية خالصة لإشعال حروب المعايدات، أو تحريم المعايدات، وحروب المظاهر البراقة واللامعة أو حتى حروب المطابخ ومتاجر الألبسة وأطنان التعليقات الفارغة حولها.

 

وتستمر نفوس كبيرة بالتساؤل المشروع كقضية إنسانية عظيمة، أين ابداع الأطفال يضيء سماء الأعياد بالنجوم من جديد، أين قصصهم هم عن طفل واجه ظلم طغاة، أو عن طفل تحمل الهجرة والجوع، أو عن طفلة حاربت الكره والغيرة، أو عن خروف منح الانسان صوفاً ولبناً وغذاء، أو عن جمل حمل مريضاً لأيام في الصحراء، أو شتلة أنبتت قمحة لعصفور جائع.

 

أين قصصهم عما يبدعونه على حواسبهم الصغيرة وما يرسمونه عن عوالمهم الافتراضية الكبيرة، لمَ لا يسمعهم العالم ويكف عن تلوين أعيادهم بألوان أُخرى غير ما يرون وبأشكال أُخرى بغير ما يحلمون ومن يُدافع عن حقوقهم في ابداع العيد في زمن علقت فيه منظمات حقوق الأطفال في أطنان ورقية وفي عالم يدور بحروب النفوذ والمال والسلاح. وفي عالم علقت فيه الأديان بحروب رجال دين وكهنة مزيفين يحاربون لما يمسك ببقائهم على كراسي عائمة على التزييف والنفاق.

ألن يستعيد الأطفال أعيادهم في الزمن القريب، حتى يستعيد جزء من هذا العالم توازنه ويسهمون في رسم مستقبل إعادة المعاني لمكانها، بل هم لفاعلون.

 

لذلك الحين يبقى لنا دعم أصواتهم أينما وُجدوا وتحييدهم عن استغلال أعياد خُلقت لتخلق لهم عوالم مليئة بالقيم المُحقة، على أساسياتها الواضحة هي ما يحتاجه العالم اليوم، لأختم هذه الأسطر بكلمة أعياد طيبة مُباركة صادقة لأطفال العالم، من جميع الثقافات وأنحاء العالم، ولكل من يسعى مع الساعين لبناء سياسات عالمية تحترم الحياة والأطفال بالفعل والكلمة وليس باللغو.