ترسانات أسلحة بيد حكوماتٌ عاجزةٌ عن حماية الحياة والمرأة..

 

د. سميرة مبيض

٢٧ حزيران ٢٠٢٢

 

 

نيّرة، ايمان، لبنى، أسماء ترددت في وجدان ملايين البشر خلال الأيام القليلة الماضية، أسماء قضت تحت تغوّل أمراض مجتمعات تفتك بمقدرات أهلها وبقدرتهم على النهوض ببلادهم وبمستقبلها.

 

في تزامن مريب مع تبادل رؤساء حكومات المنطقة الزيارات والهدايا البراقة والابتسامات الفارغة والاعلان عن مخططات ساعية لمزيد من التسليح لإنعاش  منظومة مُعتاشة على الحرب والنزاعات، منظومة عالمية دخلت حالة الموت الإنساني منذ عقود غير قادرة على انقاذ انسان أو نبتة أو حيوان، منظومات تعتاش على ما تضخه في نفوس البشر من ترهيب وفتنة مرتكزها مسرحية تصنيع العدو، داخلي أو خارجي، العدو الذي يتغير اسمه ولونه وشكله وفق المكان ووفق ميزان المال والمصالح، ويقفز من مسمى الى آخر بسهولة تشابه قفز المجرم من كذبة الى أُخرى هرباً من حساب عسير، ولا يختلف في المسرحية الا المُسمى في حين أن المضمون والاستخدام يبقى ذاته كأداة تلاعب سياسي لتحويل انظار الناس عن مسببات المعاناة الحقيقية والمتمثلة بفشل الحكومات القائمة بتأمين الحد الأساسي من متطلبات الحياة والاستقرار. 

 

منهجية طال أمدها وأدت لتشوه المجتمعات بدليل ما نراه في انعكاس الجرائم المتصاعدة ضد النساء بشكل خاص وضد كافة أشكال الحياة المستقرة الآمنة بشكل أعم.

 

فالخلافات المُزيفة، التي تلاعبت عبرها حكومات هذه الدول وداعميها من المنظومة الدولية، بمصير الشعوب وعملت على تحفيز التيارات الأيديولوجية لتتحول لصراعات ابادة، قد وُضعت اليوم جانباً تمهيداً لمواجهة  المطالب الشعبية المتصاعدة والمُحقّة المُطالبة بالتغيير في عموم المنطقة وبخروجها من نظام الوصاية الأيديولوجية نحو بناء منظومة حديثة قوامها المواطنة المتساوية.  فعلى عكس زيف التلاعب السياسي الذي قامت به هذه الحكومات والصلح المنفعي القائم اليوم بينها، فان الصراعات المسلحة التي تم دعمها وتأجيجها وتمويلها أودت بحياة ملايين البشر الحقيقيين في الحياة الواقعية وليس في دهاليز ومطابخ الألعاب السياسية. 

 

النهج ذاته يُعاد تدويره، ليهدد حياة ملايين النساء في ظل منظومات تعجز عن حماية أمن المرأة في أي مكان في هذا العالم الممتلئ بالأسلحة، والتي فاقت عدد البشر، وتبقى دون فائدة تذكر فهي أدوات قتل وترهيب لن تشفي من مرض ولن تغني من جوع أو عطش ولن تحمي من حر أو من صقيع ولن تدرئ أذى عن أي كائن حي ولن تنمي فكراً سوياً لأي انسان. بل أصبحت ترسانات الأسلحة عبئاً ثقيلاً في أماكن وجودها مُستهلكة لكل ما هو مُفيد ومُضرة لكل ما هو نافع تحت مسمى القوة الكاذبة في حين أنها اداة اخفاء لضعف القدرة الذاتية التنظيمية لهذه المنظومة، لغياب القوة الذاتية القادرة على تقديم ضمان مستدام وصلب وفعلي للاستقرار والأمن. 

 

لن تتسع صفحات أي مقال أو كتاب أو موقع لكتابة أسماء النساء ضحايا هذه المنظومة المنحرفة في أي مكان من العالم مهما اختلفت ثقافاته، كما لن تتسع لكتابة كافة الانتهاكات التي جرت وتجري بحق كل ما هو حي على هذه الأرض، بل تحولت أسماء ضحايانا لذاكرة جمعية توجه البوصلة الإنسانية لمن أدرك واستيقظ وتيقظ الى أننا على أعتاب منعطف لا كفاءة لمنظومة الفشل ضمنه بل هي وبال عظيم والكفاءة الحقّة لمنظومة قادرة على حماية أمن الحياة واستقرارها في مسارها البديهي وبدور المرأة الطبيعي ضمنها وهو الدور الجوهري لإعادة التوازن ولتقويم الانحراف، دون ذلك فلينتظر العالم مزيداً من كوارث أنتجها بسوء أعماله بينما لن تتحمل الشعوب الآمنة المزيد من الفشل والتدهور وسيكون لها صوت قاس، أقسى من أن يتحمله رصاص البنادق والمدافع وقنابل الطائرات والدبابات فما أضعفها أمام الآتي من الكوارث.