انتخابات سياسية تركية، التلويح بين استبعاد السوريين بالترهيب أو بالترغيب

د. سميرة مبيض 

٢٧ أيار ٢٠٢٣

 

قد يبدو للبعض أن هناك اختلاف بين موقف الطرفين السياسيين ممن يخوضون الانتخابات التُركية تجاه اللجوء السوري، لكن ذلك غير صحيح بالمطلق، فالطرفين التركيين يسعون لتهجير السوريين من الشمال السوري ولوضعهم تحت وطأة نظم قمعية تهدد أمنهم واستقرارهم سواء من نظم وميليشيات وفصائل الأمر الواقع المسلحة التي تتمدد دون حق على أراضٍ السورية وسواء لمنظومة حكم شمولي قمعي متهمة بارتكاب انتهاكات إنسانية تجاه السوريات والسوريين وتخلت، لصالح بقائها في السلطة، عن مبادئ السيادة واستقلال القرار وبناء مستقبل البلاد.

 

ففي حين يُهدد مرشح أحزاب ما يُعرف بالطاولة السداسية باستبعاد السوريين قسراً دون اهتمام بمصيرهم يسعى مرشح حزب العدالة والتنمية لبناء مساكن، في المناطق الخاضعة لهيمنة الفصائل والتشكيلات السياسية التابعة للحكومة التركية ليُعيد اللاجئين لتجمعات سكنية يتم تخطيطها وبناؤها بتمويل قطري و/أو تركي وتخضع لهيمنة هذه الدول وتجدر الإشارة الى أن ارتباط شمال شرق سوريا بدول محاور صراع مقابل لا يقل سوءاً عن  ما سبق، فعوضاً عن السعي لتطبيق حل سياسي سعت الإدارة المُسيطرة على هذه المناطق لاستجداء دعم دول عربية تارة ولتقديم مبادرات تطبيع مع المنظومة الشمولية ذاتها تارة أخرى وذلك بالرغم من وضوح وثبوت جميع الانتهاكات التي ارتكبتها هذه الجهات بحق السوريات والسوريين. 

 

وبالإشارة كذلك الى أن الفارق بين التيارين المتسابقين في الانتخابات التركية يكاد لا يُذكر فالتوجه نحو استبعاد السوريين من أراضيهم يبدو كرأي تتوافق عليه هذه الجهات، وهو لا يعدو انعكاساً عن توجهات التيارات الأيديولوجية، الإسلامية والعلمانية، التي تمثل معظمها هذه التيارات والتي تنكر الهوية والوجود السوري وتنحرف نحو منظور شمولي لا صلة له بالواقع والماضي ولا بالمستقبل.

 

إدراك هذا الواقع اليوم يعتبر ركيزة أساسية لمعرفة وتمسك السوريين والسوريات بمصالحهم فالانتخابات التركية، كسواها من انتخابات الدول، ساعية لتحقيق مصالح التيارات التي تقودها وليس لمصالح السوريين شأن في هذا السياق، لذلك فالتمسك بحقوقنا الواضحة والجليّة ضرورة قصوى اليوم، بغض النظر عن من سيصل للحكومة التركية فهو سيحكم الأتراك وحسب ولا يحدد مسار القضية السورية والتي ترتبط بشكل رئيسي بالمتضررين من الشعب السوري من عقود طويلة من تطبيق السياسات الخاطئة وما أدت اليه من تدهور حال البلاد وأهلها.

 

يجدر في الختام التنويه على الضرورة الحيوية لفك الارتباط بين صوت السوريين ومصالحهم وبين ادعاءات تمثيلهم من التشكيلات السياسية التي تم تصنيعها وترويجها من هذه الجهات الساعية اليوم للهيمنة على أراضي الشعب السوري وموارده وتعمل على منع تعبيره عن هويته، فإلغاء هويات الشعوب وهم غير قابل للتحقيق أساساً.

 

أما المستقبل فبناؤه منوط بعقود تحفظ حقوق أبناء الأرض واستقلالية قرارهم سواء في الأطر المحلية أم الإقليمية والدولية، فبذلك تنمو الدول وتتقدم الأمم بمواجهة أي تحديات عالمية قادمة.

 

اليوم اذاً قبل الانتخابات التركية أم غداً بعد إنتهائها الأمر سواء، يبقى موقف السوريات والسوريين ثابت بتمسكهم بحقوقهم وجذورهم ومواردهم وامتدادهم الطبيعي بثقافاتهم المتنوعة وبنى مجتمعاتهم الصلبة المتمسكة بالتآخي كهدف لبناء المستقبل وضمان الأمن والاستقرار للأجيال القادمة وكمسار وحيد للعودة لركب الإنسانية المتقدم بالتنوع وبالعلم وبالمعارف وباحترام الثقافات ومساهماتها المتراكمة على مد العصور.