تجديد البيعة للأيديولوجية المسلحة

داعمو وهم انتصار حماس هم داعمون بالبديهة لوهم انتصار الأسد

 

28/05/2021 د. سميرة مبيض 

لا ينفصل تجديد البيعة على مسرحية انتخابات بشار الأسد الأخيرة ووهم الانتصار المُسلح المقرون بها، عن تجديد أتباع حماس ولاءهم لهذا الفكر المتطرف المسلح وقادته وممارساته، فالأمر بجوهره يتعلق بتجديد البيعة لتيار أيديولوجي واحد يتضمن بأطره التيارات القومية والإسلامية واليسارية الراديكالية تشترك هذه التيارات الثلاث بعوامل مشتركة عديدة أهمها أنها مهما اختلفت فيما بينها فهي تدخل بتواطؤ مباشر أمام أي توجه مدني حيادي يكشف .زيفها

فرغم انكشاف أكاذيب الادعاءات والشعارات التي يرفعها هؤلاء أمام شعوب الأرض قاطبة واتضاح وجوه التشدد والعنصرية فلا زال التضليل ينطلي على فئة بما سمح بامتداد الأثر الكارثي لهذه الأيديولوجيات في المنطقة لعدة سنين أخرى على الأقل، عسى أن تكون الأخيرة في مسار تغيير حتمي في الشرق يتاح للشعوب فرصة الاستقرار وللأجيال القادمة فرصة للحياة السوية.

هذه الفترة الزمنية الأخيرة والتي اتسمت بدورها بإتضاح أكبر لأدوات هذه الفئات ولعل من أهمها: 

- التمسك دون هوادة بالحالة العسكرية المسلحة سواء كانت تحت مسمى جيوش أو ميليشيات أو قوات عسكرية أو فصائل ذات مسميات دينية، لا يختلف الامر بينها فالحالة العسكرية هي حامل رئيسي لهذه التيارات وداعم لتمكنّها فهي توجهات لا يمكنها فرض نفسها دون عسكرة بكونها بعيدة عن المصالح الطبيعية للمجتمع وتصب في مصلحة فئة قمعية حاكمة تحتاج باستمرار لأداة لتضمن بقاءها.

- تبني كامل لتوجه الفتنة وزرع التحريض بين المدنيين الذين يشكلون وقود استمرار ليتم استقطابهم الى احدى هذه التيارات وتعتمد هذه الفتنة على خلق الصراع بناء على توجهات مدروسة أهمها البعد الديني والبعد القومي. يتطلب ذلك تحفيز عوامل عنصرية وعدائية فيما بين اتباع هذه التيارات بداية ومن ثم عدائية واقصائية لمن هم خارج هذه المنظومة من مدنيين ومستقلين.

- تبني النفاق والتلاعب على كافة الصعد لصالح مقولة غاية البقاء بالسلطة تبرر الوسائل الدنيئة المتبعة بما في ذلك اظهار غير ما يبطنون والتظاهر بتوجه في حين يكون الدفع نحو تحقيق توجه مضاد له ويدخل في هذا السياق أيضاً تبني ادعاء وحالة المظلومية بعد المبادرة بالاعتداء على الآخرين.

- التوافق الكامل بين متبعي هذه التيارات مع العداء للمرأة وذلك أمر بديهي بكونها تيارات تعتمد على الحالة المركزية الشمولية المرتبطة بحالة أبوية سائدة ووصائية وتتبنى العنصرية والعداء وهي صفات بمجملها مناقضة لوجود احترام او ندية تجاه النساء مهما تعالت شعارات مزيفة بما هو غير ذلك.

- احتكار صفة يطلق عليها مسمى الوطنية ذات مفهوم ضيق يتهم عبره كل من يخرج عن هذه الأطر بالعمالة والخيانة كوسيلة أولى لتشويه صورة كل من يعارض أو يرفع الغطاء عن هذه المنظومة.

- محاولة السيطرة على الحالة المدنية المتصاعدة اليوم عبر محورين أولهما أداة الاتهام بالعمالة الوارد في البند السابق والثاني هو خلق منظمات مدنية تابعة لهذه التيارات وتعمل لدعم مبطن لأيديولوجيتها تحت غطاء مدني وهمي.

 

أمام حالة الفضاء المغلق للشعوب في ظل هذه التيارات على مدى نصف قرن فان اضمحلالها الفكري المتزايد يقوم اليوم بالاعتماد على عامل رئيسي هو ازدياد الوعي الشعبي والإدراك للتلاعب ورغبة الشعوب بإنهاء الأثر الكارثي لهذه التوجهات وصراعاتها المزيفة على حسابهم واستعادة حياتهم واستقرارهم وضمان مستقبل أبنائهم، فهذه الأيديولوجيات التي تفضل اليوم حماس والأسد وأشباههما على حرية السوريين هي ايديولوجيات قد دمرت المجتمع وصنعت اجيالاً غير سوية تجاه المواقف الانسانية عموماً وأنتجت سلوكيات منحرفة تحت مسميات سياسية، كما دمرت شباباً وشابات بعمر الورود وحرمتهم الحياة حتى وهم على قيد الحياة لأجل سراب وزيف واكاذيب. 

العامل الثاني الذي يمكننا الاعتماد عليه لمواجهة تدمير هذه المنظومة لبلادنا هو التغيير الذي يطال الإنسانية اليوم، فهذه الأيديولوجيات لها قيمة صفرية في عالم التحديات الذي تواجهه البشرية وهي بالتالي لا تقدم فائدة وظيفية للإنسان بأي موقع ومصيرها كمصير كل أداة صُنعت للدمار والاستهلاك وليس للبناء والإنتاج أي مصيرها الاضمحلال ومهما حاول اتباعها التنكر بأشكال أخرى لكنها ستفشل فهي ليست حقبة الزيف والتلاعب اليوم، تلك حقبة انتهت ولفظتها الإنسانية لسوء نِتاجها والمستقبل لفضاء الفكر الحر والانسانية الرحبة والتي يستحق السوريين النهوض ببلادهم نحوها مرتكزين على ما يمتلكون من ابداع وطاقات وفكر خلّاق متحرر من كل القيود وحتى من أشباه القيود.