مبادرة الدكتورة سميرة مبيض لتنظيم هيكلة وتنفيذ مهام اللجنة الدستورية السورية

٢٥ كانون الأول من عام ٢٠٢٣

 

المُوجبات

 

يُعد الفراغ السياسي القائم في الساحة السورية منذ عدة سنوات أمراً غير صحي، ومُنتجاً لمسارات عبثية يدفع ثمنها السوريون والسوريات من حياتهم وأمنِهم ومستقبلهم، وليس ذلك فحسب بل ثبت أن أطراف الصراع لا تمتلك القدرة على حفظ الأمن في أي من مناطق وجودها بل تسببت في احداث خلل أمني امتد في الشرق الأوسط وارتدت انعكاساته سلبية على الأمن العالمي. 

ومن أهم الأدوات السورية التي سعت أطراف الصراع لتعطيلها هي اللجنة الدستورية، والتي يتوجب أن تعمل على تأسيس دستور الدولة السورية الحديثة، وقد أدى تغوّل هذه الأطراف على عمل اللجنة ومساعيهم لتدوير السلطة الشمولية، وعدم امتلاكهم لأفق الحل الى عدم التقدم بهذا المسار الهام والى السير بالدولة نحو التفكك والانهيار والى هيمنة دول الجوار على أراضيها، وذلك مآل جلل يتوجب على كافة الأطراف العاقلة ايقافه وتقويم المسار.

 

صلب المبادرة

 

بناء على الموجبات الواردة، واتضاح فشل وعبثية كافة المسارات القديمة بما لا يقبل التشكيك والجدل ومنها التطبيع وما عُرف بمبادرة خطوة بخطوة، أرفع مبادرتي لتنظيم هيكلة وتنفيذ مهام اللجنة الدستورية السورية والتي تُعد تتمة لمبادرتي استقلالية الأقاليم الشمالية والتي قمتُ بإطلاقها في السابع من أيار من هذا العام، وبالاستناد على ذات الركائز، وتعتمد على:

 

·      الفصل المبدئي بين المسارات الثلاث في سوريا، المسار العسكري والذي تضطلع به قوى أمر واقع وقوى عسكرية متواجدة على الأراضي السورية، والمسار الاغاثي والإنساني والذي تضطلع به مؤسسات الأمم المتحدة وعدد كبير من المنظمات السورية والدولية المتخصصة، وبين المسار السياسي والذي تضيء عليه هذه الورقة والذي يتوجب أن يضطلع به السوريون والسوريات حصرياً، ضمن إطار اللجنة الدستورية السورية وصولاً لتأسيس الدولة الحديثة ومعالجة وانهاء التدخلات العسكرية والكوارث الإنسانية ضمن مؤسساتها ووفق دستورها وقوانينها.

·      لا تحتاج اللجنة الدستورية السورية للوصاية السياسية، بل لضرورة الانطلاق من رؤية تحترم جميع السوريين وثقافاتهم وتلتزم بمصالحهم وتضع حجر التأسيس للبدء ببناء دولتهم الحديثة، وعليه يتوجب اعفاء فريق الأمم المتحدة من المهام السياسية المتعلقة باللجنة الدستورية السورية وأن تقوم هذه المؤسسات بدور لوجستي وحسب فيما يتعلق بالعمل الدستوري، وتُفعَّل الملكية والسيادة السورية على اللجنة بحيث يتم التنسيق لمهامها ووضع مسارها وأهدافها برؤية سورية ومن قبل أعضاء اللجنة الدستورية أنفسهم. 

·      حل ما يعرف باللجنة المُصغرة، والتي تم اختيارها من قبل أطراف الصراع وداعميهم، بحكم فشل هؤلاء لما يزيد عن خمس سنوات بالدفع بأولوية مصالح السوريين وعدم امتلاكهم لرؤية للحل السوري.

·      عقد اجتماع تقويمي يهدف لمأسسة اللجنة الدستورية، ووضع نظامها الداخلي وآلية عملها، وذلك عبر أعضائها المُلتزمين حصرياً بمسار تأسيس دستور جديد يضمن بناء دولة سوريا الحديثة، ويحفظ البلاد ومواردها ويحقق أمن مواطنيها ومواطناتها، من كافة أطياف التنوع السوري دون استثناء. 

·      بحكم عدم وجود توافق حول المكان الأنسب لعقد اجتماعات اللجنة الدستورية، وتفادياً لمزيد من التعطيل بهذه الذريعة، يُعقد الاجتماع التقويمي الأول عن بعد بحيث يتم تأمين اللوجستيات من أماكن اجتماعات رسمية مجهزة بكافة التقنيات اللازمة للعمل عن بعد، في كل موقع جغرافي يتواجد ضمنه أعضاء باللجنة الدستورية السورية، بما يمكّن الأعضاء من العمل بأفضل الظروف الممكنة. 

·      تضطلع بتأمين أماكن ومستلزمات اللقاءات وحسن سيرها اللوجستي منظمة الأمم المتحدة، على أن تكون اللقاءات مُسجلة أصولاً وتُبث على مُعرفات الانترنت التي تُؤسس خصيصاً لهذه المهمة لضمان الشفافية والمصداقية لجميع المشاركين بالعمل الدستوري.

·      يخصص الاجتماع التقويمي لمأسسة عمل اللجنة الدستورية السورية، بما يمكنها من تحقيق مهمة وضع دستور سوري جديد مؤسس للدولة السورية الحديثة انطلاقاً من واقع الأقاليم الجغرافية الحالية في سوريا ومتطلباته ومن رؤية معرفية لتحقيق أمن السوريين ومصالحهم كأولوية لا تتعارض مع أهداف تحقيق أمن المنطقة والعالم.

 

ركائز عملية المأسسة 

تتضمن ركائز عملية المأسسة النقاط الأربع التالية، والتي يتم العمل على بلورتها وتثبيت تفاصيلها ضمن خطوات انطلاق عمل اللجنة:

 

١- تنظيم العمل الدستوري في عدة مراحل زمنية ومكانية، وفق ما يلي

·      ثلاث مراحل زمنية مدتها الكلية ستة أعوام ومدة كل من خطواتها عامين، على أن تنطلق في غضون عام ٢٠٢٤ بعد مأسسة العمل بآلية صلبة وفاعلة، ليتم تثبيت وتشريع أطر الدولة السورية الحديثة بحلول عام ٢٠٣٠ بأعلى تقدير. 

·      يتم العمل الدستوري التأسيسي انطلاقاً من ثلاث فضاءات مكانية تحدد على صعيد الأقاليم الجغرافية وتشمل مساحتها الكلية عموم الأراضي السورية وهي: الأقاليم السورية الشمالية، الأقاليم السورية الوسطى والأقاليم السورية الجنوبية والتي تحدد بشكل أكثر تفصيلاً مع بدء أعمال اللجنة الدستورية.

·      تبدأ المرحلة الأولى ومدتها عامين بعمل داخلي في كل من الأقاليم المحددة أعلاه، لإنتاج دستور على مستوى الإقليم، بالتفاعل والحوار بين الوحدات الجغرافية المكونة له ويختتم بتثبيت دستور إقليمي لكل من هذه المناطق يُشكل جزءاً أصيلاً من مسار العمل الدستوري السوري الأعم.

·      تليها المرحلة الثانية ومدتها عامين بعمل داخلي سوري بين الأقاليم الثلاث، لإنتاج دستور سوري على مستوى سوريا، بالتفاعل بين الأقاليم المكونة لها وبالاعتماد على الدساتير الاقليمية.

·      المرحلة الثالثة ومدتها عامين يعتمد العمل الدستوري ضمنها على خلاصة ما بني في المراحل السابقة وبالتفاعل حوله على نطاق دول الجوار والنطاق العالمي، لتثبيت دستور سوريا الجديد وتشريع دولة سوريا الحديثة بمنظور اتحادي بين أقاليمها الجغرافية، قائم على أسس حفظ أمن المدنيين في المنطقة والعالم وضمان التنمية المستدامة والنهوض المشترك ومساهمة سوريا أرضاً وشعباً بمسار تقدم الإنسانية بثبات وفاعلية.

·      لا يتسبب تعطل أي من المسارات الثلاث بأي جمود في المسارات الأخرى، بحيث يحق لكل إقليم سوري الاستمرار بالعمل والوصول لصياغة دستور يوائم المقيمين والفاعلين ضمنه ومتابعة المسار السوي لتحقيق أمنه وتنمية مناطقه ويُعتمد دستور إقليمي بانتظار أن تلتحق بالمسار السوي بقية الأقاليم ان تم تعطيل عملها أو تجميد مسارها بسبب تقاعس أو تعنت سلطوي أو تخريب متمعد من أي جهة كانت.  

 

 ٢- تنظيم عمل أعضاء اللجنة الدستورية وفق ما يلي

·      تُلغى المُسميات القديمة للكتل، ويتم توزيع أعضاء اللجنة الدستورية على مجموعات عمل تلتزم بالمساحات الجغرافية الثلاث الواردة أعلاه، وذلك وفق أماكن الاقامة الحالية، لمن يقيم ضمن الأراضي السورية، ووفق أماكن الاقامة السابقة مقترناً بالتوجه السياسي للمقيمين في عموم أنحاء العالم وفي دول الجوار السوري.  

·      تعتبر اللجنة الدستورية هي الإطار الجامع المعني بالمسار السياسي السوري ويعتبر أعضاؤها، المنضوين بالمسار التقويمي القادم، ملتزمين بمهمة رسمية طيلة فترة العمل الدستوري ولغاية تطبيق دستور سوريا الجديد.

·      يُحدد مُنسق لكل من مجموعات العمل الجغرافية، يقوم أو تقوم بهذه المهمة عضو سوري من اللجنة ممن ثبتوا على أولوية مصالح السوريين دون أي وصايات أو تبعية، تحدد مهام منسق كل مجموعة في النظام الداخلي للجنة مع انطلاق عملها.

·      يُحدد أمين عام للجنة الدستورية معني بالتنسيق بين مجموعات العمل القائمة على الأساس الجغرافي، يقوم أو تقوم بهذه المهمة عضو سوري من اللجنة ممن ثبتوا على أولوية مصالح السوريين دون أي وصايات أو تبعية، ويكون أو تكون الأمين العام مسؤول عن اطلاع السوريين والمجتمع الدولي عبر احاطة شهرية على تقدم العمل الدستوري وفق خطة عمل واضحة ولا تعنى احاطة الأمين العام للجنة الدستورية السورية بأي مستجدات عسكرية أو اغاثية بحكم تثبيت عمل اللجنة بمسار العمل السياسي.

·      يُعتبر جميع أعضاء اللجنة مُتفرغين لأداء المهمة الدستورية بدءاً من الاجتماع التقويمي وطيلة فترة العمل الدستوري ولغاية تطبيق دستور سوريا الجديد، للوصول لفعالية مثمرة بالعمل، وهم بذلك يلتزمون بتجميد فعاليتهم بأي مهام سياسية أخرى أو مهام ضمن منظمات مدنية، ويلتزمون بمعدل ساعات عمل أسبوعية واتعاب محددة يتم تثبيتها وتثبيت مصادرها بما يضمن استقلالية العمل وفق أسس الشفافية، مع انطلاق عمل اللجنة بعد التقويم.

 

 

 

٣- تنظيم تفاعل أعضاء اللجنة الدستورية مع السوريين والسوريات

·      أدت عقود من الحكم الشمولي في سوريا، وعدم وجود مسارات عمل السياسي ومجتمعي سليم خلالها، الى غياب الأطر التنظيمية الاعتيادية للوصول لتمثيل الشعب السوري في المحافل ذات الصلة، وأدى عقد من الصراع المسلح والتدخلات العسكرية الى زيادة التجاذبات في أطر التمثيل السياسي، مما دفع الى تشكيل اللجنة الدستورية بتوافقات محلية ودولية وفق آليات استثنائية أدت الى اطلاقها في عام ٢٠١٩.

·      في هذا الإطار، وباعتبار اللجنة الدستورية السورية أداة رئيسية لتحقيق أهداف ثورة السوريين المُحقة كما انطلقت في عام ٢٠١١، يتوجب تحديد أهدافها بما يلتزم بشكل كلي بمصالح الشعب السوري ومستقبل بلاده، ويعتبر جميع أعضاء اللجنة الدستورية، دون استثناء، مسؤولين عن تنفيذ هذا الالتزام، بتواصلهم الفاعل والمستمر مع السوريين والسوريات بما يضمن إيصال أصواتهم لمنبر اللجنة الدستورية ومسار العمل الدستوري. 

·      بحيث يكون لكل عضو في مجموعات العمل القائمة على الأساس الجغرافي، دون استثناء، مهمة واضحة ومحددة للتواصل مع كافة الفعاليات المدنية والمجتمعية والاقتصادية والثقافية والسياسية السورية والشخصيات الاعتبارية في نطاق منطقته وأطر انتمائه المجتمعي والسياسي لنقاش المضامين الدستورية وتثبيت صياغات تضمن مصالح كافة الفئات السورية تنقل لأمانة اللجنة الدستورية وتؤخذ بعين الاعتبار في الصياغات المُقترحة والمعتمدة.

·      تلتزم كافة الأطراف الرسمية على الأراضي السورية بتسهيل مهمة الأعضاء وبتأمين الظروف الأمثل لأدائها وبعدم التأثير والضغط على عملهم بأي شكل كان ليعكس العمل الدستوري بشكل واقعي وصادق متطلبات السوريين في جميع الأطر الجغرافية والثقافات والبنى المجتمعية وذلك لما فيه مصلحة جميع السوريين ولتفادي تفكك سوريا واندثار هويتها.

 

٤- تنظيم التفاعل مع المؤسسات الدولية والدول الفاعلة في الشأن السوري

·      سوريا جزء من الشرق الأوسط وثقافاته التعددية وجزء من العالم الرحب وثقافاته الانسانية، ويعتبر المسار الدستوري مسار يعمل على تأسيس دولة سوريا الحديثة وانصاف أهلها، بعد الانتهاكات الجسيمة التي وقعت بحقهم منذ عقود طويلة وبعد فشل وانهيار الدولة السورية في العقد الأخير، وهو بذلك مسار يسعى للحفاظ على شرعية وجود الدولة السورية الحديثة في الأطر الدولية ذات الصلة وحماية مواردها وتحقيق متطلبات استمراريتها وضمان أمنها، وتعتبر المؤسسات الدولية ذات دور لوجستي فيما يتعلق بعمل اللجنة الدستورية دون تدخل أو وصاية سياسية، ليتم وضع الدستور السوري الجديد في مساره الدولي اسوة بكافة الدول ذات السيادة.

·      لا يخول أي عضو في اللجنة الدستورية بالتواصل المنفرد مع أي جهة كانت انما يتم التواصل بشكل مؤسساتي شفاف، وفق مهام التنسيق وضمن أمانة مجموعة العمل العامة ووفق التفاعلات الإقليمية والدولية في كل من المناطق الجغرافية السورية المحددة أعلاه، على أن لا يشمل أي تواصل محاولات ضغط أو ترهيب وأن لا يشمل أي تواصل مساعي تشتيت أو مساعي تشكيل لوبيات أو تمرير صفقات مقايضات سياسية أو اجندات تحفيز الفتنة والصراع أو محاولات تعطيل واستقطاب وغير ذلك من توجهات سلبية، بل يقتصر أي تواصل على الاشارة لأي مصالح أو مخاوف مشتركة تتعلق بأمن المنطقة أو بالأمن الدولي ويلتزم أعضاء اللجنة الدستورية بأخذها بعين الاعتبار، بما يضمن ويحفظ أمن السوريين كجزء من أمن المنطقة والعالم وبما ينظر بعين إيجابية بناءة لبناء دولة سورية حديثة ولتحقيق دورها المُنتظر.  

ختاماً

تعتبر المبادرة أعلاه مبادرة تنفيذية للدكتورة سميرة مبيض، عضو مستقل في اللجنة الدستورية السورية، وهي مبادرة قائمة على عمل أكاديمي وفكري طويل الأمد على الصعيد السوري، وتتضمن بنوداً عريضة، مختصرة غير تفصيلية، تُتمم لاحقاً ضمن انطلاق تنفيذ مسار اللجنة الدستورية القادم وبما يضمن حسن سير العمل التدريجي وضمان انتاجيته الفاعلة ووصوله لأهدافه المحددة.

*****

حرر ونشر في الخامس والعشرين من كانون الأول، ديسمبر، من عام ٢٠٢٣، فرنسا.

موجهاً الى الرأي العام السوري ومنه الى الجهات الدولية الضليعة بالقضية السورية.

 

الدكتورة سميرة مبيض

 

 

Download
مبادرة الدكتورة سميرة مبيض لتنظيم هيكلة وتنفيذ مهام اللجنة الدستورية السورية
تعتبر المبادرة أعلاه مبادرة تنفيذية للدكتورة سميرة مبيض، عضو مستقل في اللجنة الدستورية السورية، وهي مبادرة قائمة على عمل أكاديمي وفكري طويل الأمد على الصعيد السوري، وتتضمن بنوداً عريضة، مختصرة غير تفصيلية، تُتمم لاحقاً ضمن انطلاق تنفيذ مسار اللجنة الدستورية القادم وبما يضمن حسن سير العمل التدريجي وضمان انتاجيته الفاعلة ووصوله لأهدافه المحددة.
*****
حرر ونشر في الخامس والعشرين من كانون الأول، ديسمبر، من عام ٢٠٢٣، فرنسا.
موجهاً الى الرأي العام السوري ومنه الى الجهات الدولية الضليعة بالقضية السورية.

الدكتورة سميرة مبيض
تنظيم اللجنة الدستورية.pdf
Adobe Acrobat Document 220.5 KB