كهنة مُزيفون، اتركوا قرابينكم واذهبوا لإصلاح ما خربت أيديكم

د. سميرة مبيض

في عيد الميلاد ٢٥ ديسمبر، ٢٠٢٢

 

في ميلاد كهذا اليوم، يستوجب الحدث التذكير بالتخريب الذي ألحقه الكهنة المُزيفون، من عموم الأديان بداية ومن رجال كهنوت الدين المسيحي بشكل ادق، في الجوهر الحقيقي الذي أوردته الرسائل التي حملها أنبياء وعُقلاء ورُسل وقديسين، ولعل الآية التي تدعو كل انسان الى أن يترك قربانه ويذهب ليصطلح مع أخيه الانسان هي ما يستحق هؤلاء وسواهم ان نوجهه لهم في بطاقة (معايدة) استثنائية تعم فيها الحروب كثير من دول العالم وتصبر شعوب وبشر على معاناة ساهم بخلقها بها هؤلاء بشكل مُباشر أو غير مُباشر.

 

 في زمن يتغوّل به الانسان على سيرة وسمعة أخيه بالقول المُسيء والشائن والفعل الأسوأ دون أن يرف له جفن، وتتغول به بلدان على أراضي وأرزاق دول أخرى وتتغول به الهمجية على السلم والاستقرار دون رادع، نراهم هم يستمرون في ما تأسسوا عليه من مُحاباة للسلطات الفاسدة القمعية، لا نية لهم بالإصلاح أو الاصطلاح فإما صامتون أو ناطقون بلغو لا مغزى له ولا معنى، أتوجه لهم بالقول فانظروا ما فعلت أيديكم التي لم تدرك معنى القربان منذ اجترحته الإنسانية حين تمايز مسارها، فهل تستحقون رفع هذه القرابين باسم ملايين النفوس، ورثة الأرض، الطامحون للخير والسلم والاستدامة، أزعم أنكم لا تستحقون فمن ثمارهم تعرفونهم فهاتوا براهينكم على حسن ما صنعتم لآلاف السنين فها هي براهيننا على سوء ما أتيتم به لا يخفيها عن الأعين البصيرة شيء.

 

كثيرون منكم حملوا الطفل للمغارة، كرروا صلوات بقلوب لا تخشع، ورفعوا تماثيل بعيون لا تدمع، وعادوا خاويين كما ذهبوا فمن لم يمتلاً بإنسانيته لن يملاًه تراب الأرض ورملها وماؤها علّهم يُدركون.

 

ليس في هذه السطور دعوة للاستقامة، فلن يستقيم منكم ما بُنيَ لقرون دون قراءة زاهدة بالقشور مُهتمة بالعمق، بل هي دعوة لترك القرابين لأهلها فلستم أهلٌ لرفعها، واذهبوا سعياً لإصلاح ما خربت أيديكم، لتكن ثورة على المفاهيم البالية في دواخلكم بداية وفي مؤسساتكم الهرمية المتهالكة تصدعاً وهرماً وسلطوية وانكاراً للنفس الإنسانية وارتباطاً بالجاه والمال وكل جماد وكل زيف، لتكن ثورة علّكم تعيدون بها ارتباطكم بالحياة وتدركون آلام الناس وجروحها الحية التي ساهمت أيديكم بصنعها، انزلوا للشوارع مع الهاربين من الحروب التي ساهمتم بتأجيجها، مع المتضررين من النزاعات، مع من أفقرتهم منظومات متغولة لا تشبع من تدنيها، انظروا أطفال مسهم ضرر وبرد وجوع واساءات كنتم جزءاً منها ولا تقربوهم، اذهبوا فاحملوا أنتم شرور أعمالكم ولا تحمّلوها لأنبياء ورسل هم منكم ومن نتاج عملكم بُراء.

 

فهل سيجرؤ هؤلاء على انتقاد السلطات الاجرامية، هل سيجرؤون على انتقاد أنفسهم كأرجل لهذه الكراسي ومساند لجالسيها، ها هو تحدي الميلاد فأجيبوا ان استطعتم او فاصمتوا الى الأبد ودعوا الإنسانية تسير قُدماً بإيمان بحق الجميع بحياة حرة كريمة وبفرص متساوية للبناء والتطور. ولا تتحفونا بمساعيكم للتقارب بين بعضكم البعض مدعين تقارباً بين أديان لم تدركوا جوهرها أصلاً ولا تصدعوا رؤوسنا بمصطلحاتكم للتسامح والأخوّة فلا تسامح مع ما شوهتموه ولا أخوة ستصمد أمام تعاليمكم الخاطئة، بل هو حسابٌ وحسب ولا أحسبكم على قدر المسؤولية بل هاربون مرتعدون وليكن، يبقى للحساب أهله ولست الا صوتاً من ملايين الأصوات القائلة هاتوا براهينكم فها هي ثوابتنا الإنسانية قائمة لا تهتز ولا تتغير على مر العصور.