مؤتمر سادس في بروكسل وجلسة ثامنة للجنة المصغرة الدستورية.

د. سميرة مبيض

09/05/2022

في احاطته الى مجلس الأمن حول سوريا بتاريخ ٢٦ نيسان ٢٠٢٢، شدد مبعوث الأمم المتحدة لسوريا غير بيدرسن على مطلبه لتأمين الموارد للمساعدات الانسانية حيث ورد في احاطته الاشارة مرتين لهذه المساعدات، في البند الخامس حين ذكر أن الجمود في سوريا لا يجب أن يفسر من قبل أي شخص على أن الصراع يحتاج إلى اهتمام أقل أو موارد أقل، أو أن الحل السياسي لم يعد ملحاً وعاد وكرر في البند التاسع أنه يحث جميع الأطراف المعنية على توسيع نطاق المساعدة الإنسانية وتعزيز الجهود المبذولة من أجل دفع جهود التعافي المبكر لتعزيز القدرة على الصمود بما يتماشى مع القرار 2585 والمساعدة بسخاء في توفير الموارد اللازمة للعمل الإنساني وأتى ذلك في سياق التمهيد للحصول على تمويل من مؤتمر المانحين السنوي الذي يعقد في بروكسل والذي يشكل المدخل الرئيسي لتبرعات المساعدات الإنسانية المخصصة لسوريا، وفي الإحاطة ذاتها دعى مبعوث الأمم المتحدة لسوريا غير بيدرسن الى جلسة ثامنة للجنة المُصغرة الدستورية.

المؤتمر السادس والجلسة الثامنة يتزامنا مُلحقان بمسار تفاوضي وتبرعاتي عمره عقد من الزمن، مسارات لم تخضع خلال مراحل وجودها الى أي مراجعة تقييمية فعلية ولا الى جدواها المباشرة على رفع معاناة الشعب السوري.

حيث تشير الأرقام الصادرة عن مؤتمرات بروكسل الى تبرعات عالية مُشار لها في الرسم التوضيحي المُرفق والتي لم تترافق في الحين ذاته بتخفيف معاناة اللاجئين لا في دول اللجوء، التي تتلقى مبالغ كبيرة لقاء وجود اللاجئين السوريين على أراضيها، ولا في المخيمات.

 

على العكس تماماً فالتصعيد العنصري ضد اللاجىء السوري وتوجيه الاتهامات له بكونه عبء على الحكومات قائم في دول الجوار وفي دول الشتات على حد سواء، ورغم المساعدات المُقدمة الا أن هذه الدول لم تتح للاجئين ضمنها فرص عمل مستدامة واستقرار كامل بل ذهب جزء يسير من التبرعات في مساعدات آنية لا تضمن تحقيق أمن اللاجئين ولا استقرارهم، بالمقابل لم تصرح أي من الأطراف الممنوحة عن كيفية استخدامها لهذه الموارد المالية ولا يوجد بين أيدي السوريين أي تقارير مالية شفافة حول مآل المساعدات الواردة لهم. وذلك رغم مطالب ملحة بضرورة تقييم وتقويم هذا المسار قبل الدعوة لاستمراريته وقبل التوغل بربط مصير اللاجئين السوريين، ممن هُجروا قسرياً واضطروا للتخلي عن أرضهم وأملاكهم وأرزاقهم، بما ستمنحه لهم الدول التي تمول في الحين ذاته تسليح كافة الجهات والقوى الضليعة في صنع مأساتهم. 

 

وكأن ذلك ليس كافياً، لنضيف له مسار تفاوضي فاشل على مدى سنوات طويلة فيما عُرف بمفاوضات جنيف استنسخ الآلية ذاتها في مُصغرة اللجنة الدستورية لتفضي الى حالة عدمية بين قطبي الصراع لا تُضيف أي منتج إيجابي لتقدم الوضع السوري ولا للوصول لحل سياسي يتطلب بالدرجة الأولى قرار انهاء المنظومة الفاشلة القائمة اليوم ووقف تأثيرها الكارثي على العالم أجمع والتوجه لوضع دستور مؤسس للدولة السورية وليس لإعادة اجترار الأطر السابقة المُنتجة لهذا الخراب.

 

ختاماً لا يمكن لأحد أن يغض النظر عن أن المسرحيات الأخيرة الهادفة لإظهار نظام الأسد كنظام قابل للتغيّر، ومنها زيارة يتامى تسبب بقتل أهاليهم من الطرفين، وزيارة مقامات دينية ولقاء رجال دين وكهنة مزيفين وزيارة إيران وغيرها مما سيتحفنا به لاحقاً لا تُغير من واقع مجازر عقود طويلة تمثل البنية الحقيقية للنظام ولا من واقع زيف هذه الخطوات التي تسير على جثامين أبناء وبنات سوريا.

 

ليتوقف الكذب والادعاءات ولتكن نظرة شاملة للمسار تُعتبر ضرورة للسوريين فهذا مصيرهم، ومعاناتهم اليومية، ومستقبل أجيالهم القادمة هو ما يُوضع في الميزان اليوم، مُقابل ما يحل بهم من مآسي ومن يتغول عليهم، من أفراد ودول، على حساب موتهم اليومي. لم يعد مبرراً استمرار مسارات لا تحقق أهدافهم ومطالبهم ولتكن وقفة تقييم قبل اختيار أي خطوة قادمة.

·      مصدر الأرقام المستخدمة في المخطط الزمني لتبرعات مؤتمر بروكسل من موقع عنب بلدي عبر الرابط التالي