السويد تنقّل السلاح من كتف فصائل قسد الى كتف فصائل تركيا، وماذا عن حقوق الأطفال والمرأة في سوريا؟ 

د. سميرة مبيض 

 13-11-2022

تغيّر مؤخراً الحزب الحاكم في السويد، حسناً يُفترض بهذا الأمر أن يعني المواطنين السويديين وحسب لكنه ولغرابة الوضع السياسي التابع للمنظومة السياسية الدولية القديمة يؤثر على بعد آلاف الكيلومترات مباشرة في الأراضي السورية للمنطقة الخارجة عن سيطرة النظام الشمولي للأسد وينقل كفة دعم فصائل محلية بالسلاح وبال (ديبلوماسية) والعلاقات الخارجية من كفة فصائل قسد الى كفة الفصائل التابعة للدعم التركي، في نقيض لإرادة السوريين بالتغيير والاستقلال عن أي صراع مسلح يحرف أهداف حراكهم الحضري عن بناء دولة القانون القائمة على المواطنة والتمدّن. 

 

تأتي هذا النقلة بكتف السلاح لتؤكد على امرين رئيسيين، الأول هو في أنه ليس بأمر مستجد، أي ليس انعطاف أو تغيير جذري بدعم هذه الدولة، أو سواها من الدول، لحراك السوريين، فهو لم يكن أساساً دعماً للسيادة السورية أو للقرار السوري أو للاستقرار والأمن وانما هو دعم لمصالح كل من هذه الدول في المنطقة وهو الدافع للتقارب أو التباعد بين التيارات الأيديولوجية المُمثلة بمختلف الأحزاب التي تتناوب لعب دور الداعم في الساحة السورية، تتغير مسمياتها ويلبث تأثيرها دون تغيير. والثاني انه تقارب علني مع نظام شمولي متهم دولياً بجرائم ضد الانسانية فالموقف التركي الساعي للتقارب مع نظام الأسد لم يعد يخفى على أحد متضمناً الهيمنة على العمل الدستوري كمحاولة فاشلة لمنع تحقيق أي تغيير جذري يحقق الاستقلال السوري. والقول بأنها محاولة فاشلة لمنع نهوض سوريا له مرتكز قوي هو أن زوال الزيف وانكشاف الحقائق للسوريين ليس الا الخطوة الأولى بتحقيق التغيير الجذري. 

 

بالعودة لنقلة كتف السلاح السويدية، لابد لنا، كساعين لتحقيق مصلحة الانسان السوري، من وقفة سريعة مع هذا الموقف كما يستحق. فقد كان من الاحرى أن نسمع صوتاً عالياً لقسد ومسد وغيرها من المنظمات والتنظيمات المدنية، الحقوقية والإسعافية والاغاثية والنسوية والثقافية وغيرها وسواها والتي لبثت لسنوات تتحارب بينياً وتحارب السوريات والسوريين من منطلق الاستقواء بهذه الدولة او تلك، فما هو موقفهم اليوم، عدا التنديدات الخجولة الضئيلة التي ظهرت دون أن تظهر فعلياً. هل من اعتذار عن تضييع عشر سنوات من حراك نهوض انساني حتمي نحو منحدرات أيديولوجية ومسلحة لم تحقق أي فائدة الا استنفاع المنتفعين منها، ام لا زالت أصواتهم منخفضة طمعاً بنقلة قادمة لكتف السلاح والتمويل.

 طبعاً لم يعد أحد يحتاج توضيحاً أن الأمر في ضفتهم الموازية التابعة للفصائل التركية وتبعها من منظمات وتنظيمات وأحزاب ومطبلين ومطبلات.. الخ الخ مماثل ومطابق ومتواطىء وتمل نصوصنا تكراراً عمره عشر سنوات ويزيد.

 

هل أدركت هذه التنظيمات أن أحداً لم يمنحهم الرصاص ولم يعقد لهم مسرحيات المؤتمرات والورشات وما يسبقها وما يتبعها لسواد عيونهم، كما يقال في لهجتنا السورية، بل لتحقيق مصالح مؤقتة تسير في مسار الحفاظ على المنظومة القديمة القائمة على النظم الشمولية بالمنطقة، بغض النظر عن اسمائها وألوانها الأيديولوجية. ومن ثم يحق لنا، كساعين لمصلحة الانسان السوري، من سؤال كل دولة تتواطىء مع حملة السلاح ومع النظم الشمولية عن مصلحة الأطفال في سوريا، والسويد التي صرعت رؤوس العالم، كما يقال في لهجتنا السورية أيضاً،  بهذه الادعاءات، كيف تُسلّم كتفها الداعم للحراك السوري لسلاح أول ما يُوجه فهو يوجه لصدور الأطفال والسيدات، أين ذهبت أطنان الورق والدراسات والحبر المهدور على الحالة السورية اذاً، من وماذا ابتلع لسان الحق الذي يجب أن يملاً الصحف والشوارع السويدية والأوروبية منعاً لاستخدام أموال دافعي الضرائب في هذه البلدان في دعم مباشر أو غير مباشر لجهات قد تتحمل انتهاكات جسيمة ضد حقوق الانسان ومن منحهم حق استثناء هذه البقعة الجغرافية من حقوق عالمية رسمية. 

كم سورية وسوري اليوم سيتذكرون أن بلادنا وأهلها من المسالمين والمسالمات بجميع أطيافهم وثقافاتهم وأديانهم يستحقون حياة آمنة ومستقرة ويطالبون بها. بل ويجهرون بالقول على رؤوس الأشهاد بأن استقرار سوريا وغيرها من الشعوب المهدورة حقوقها هو امر بديهي لاستقرار العالم فكفى تخبطاً بقواعد خاطئة تقوم على التغول عوضاً عن التكامل والافقار عوضاً عن العدالة والتهجير القسري عوضاً عن بناء حصن التنوع ومتاهات المعاناة المفروضة على الإنسانية عوضاً عن مرتكزات الاستقرار والتقدم.

هل سنسمع قريباً قرقعة مؤتمرات الدعم والدعم المضاد للمنظمات وللفصائل وللشخوص السياسية وللعيون الفارغة والأنفس المتدنية ليعيدوا تدوير نفاياتهم، أم ستدرك هذه الجهات أن لا مكان البتة لتحقيق مصالحها على الأراضي السورية والمصلحة السورية مُغيبة قسرياً، وذلك ليس اختيار أي جهة بل هو اختيار مسار الحياة الطبيعي لحسن طالع البشرية فعساهم يفقهون يوماً أو يصمتون ويجنبونا لغوهم وضجيج ترهاتهم.