لا مرتكز قانوني للمشاريع الاسكانية العشوائية المُزمعة ضمن الأقاليم الشمالية السورية
د. سميرة مبيض
٣٠ أيار ٢٠٢٣
انتهت الانتخابات التركية وبقيت القضية السورية هي من تتحكم في سياسات النظم القديمة في المنطقة والمُرتعدة من مسار التغيير الذي انطلق في سوريا منذ ما يزيد عن عقد من الزمن ولم ولن يتوقف لسبب بديهي للغاية بكونه يرتبط بتغييرات عالمية ترتبط بدورها بمستقبل البشرية وتقدمها ومصالحها وهي ذات ثقل وقوة أكبر من أي مصالح ضيقة لتيارات محدودة الأفق الجغرافي والزماني وساعية للسلطوية ونابذة للتنوع كما هو حال التيارات القديمة المتهالكة تدريجياً.
وتنشغل هذه النظم سواء بسياساتها وانتخاباتها أو بيومياتها بخطط للتغول على حقوق السوريين وذلك بعيد عن التحقق لحسن طالع البشرية، ولعل أبرز توافقاتهم تُختصر في محاولاتهم العبثية لإعادة تدوير منظومة بشار الأسد وتكريس نموذج الانحراف الذي ارتكبه بحق المدنيين والمسالمين، ولا يستثني ذلك أي من حكومات المنطقة تركية كانت أم عربية ولا حتى يستثني محاباة المبعوث الدولي الحالي لهذه المساعي، لان بقاء هذه المنظومة هو ما سيحقق مآلات التمدد والتوسع لهذه الدول والذي لم يعد خافياً على أحد وأكثر الأدوات استخداماً في هذه المحاولات هو التهجير القسري للناجين السوريين نحو مناطق هيمنة عسكرية سواء لبشار الأسد أو للمتواطئين معه من مختلف القوى العسكرية المهيمنة على الأراضي السورية دون وجه حق، فلا تفاضلية تُذكر بين قوى الامر الواقع، من كونها تعتمد الأساليب الهمجية والقمعية في الحوكمة وهي تتخلف بذلك عن مطالب ومسار شعوب المنطقة عموماً والشعب السوري بشكل أدق والساعي لبناء دولة الحداثة والمواطنة والقانون بالارتكاز على مقدراته وموارده وبُناه المجتمعية وهي أكثر من كافية لتحقيق هذه الخطوة الحتمية في مساره.
من بين الأدوات المستخدمة لهذه المحاولات نلحظ بوضوح عمليات ما يُعرف ببناء المساكن، تحت مسميات ملتبسة فلا هي تندرج تحت اعادة الاعمار الرسمية والتي ستخضع لشروط سورية حصرية ولا هي تندرج تحت مسمى مخيمات مؤقتة، فتبدو هذه الوحدات السكنية مغمغمة القوام، كسياسات التدخل السافر العاجل والآجل فلا خير فيها للسوريين لا اليوم ولا غداً.
لذلك فرفضها حق ولا مكان لها على الأراضي السورية وهي أساساً خارج اي شرعية فمن يعطي أذون وتصاريح لهذه المساكن ومن يمنح أراضٍ للبناء لا يمتلكها أساساً، فما هو الا احتيال ونصب سياسي يستحق التصدي المباشر فهذه اراضٍ سورية، ليست بقطرية ولا بتركية ولا مشاعة دولية وواقع أن هذه الجهات صنّعت معارضة تخدم مصالحها كدمى بلاستيكية فارغة ومولت عصابات تروع السوريين بالسلاح والترهيب والتخويف، لا يغير حقيقة أن هذه الاراضي سورية وما دون ذلك زال أو زائل ولا تمتلك أي جهة منهم حق المنح فلا المانح ولا الممنوح أصحاب حق أساساً.
وعليه تعود قضية الاقاليم الشمالية لتصبح أساسًا للقضية السورية ومرتكزاً لحلها ونموذجاً لكل لما جرى في عهد النظم البائدة انسانياً من محاولات نهب لأراضي السوريين وهي مساعي باتت مكشوفة ومُدانة في كل زمان وفي كل مكان. وعليه يعود استقلال الاقاليم الشمالية كضرورة في مسار الحل السوري بعيداً عن المتغولين بكافة مسمياتهم وبعيداً عن التلاعب السياسي بمسمى الاسكان أو سواه، فبيوت السوريين القادمة نبنيها بقرار واختيار سوري ومساعي قمقمتها الحالية محكومة بالفشل المسبق فلا تملكون ما تدعون فما ملكيتكم الا بعض شخوص باعت ضميرها وأما حقوقنا فمحفوظة لا لبس فيها ولا ضياع، عساها رسالة واضحة ليبتدأ كل مسار سياسي بالالتزام بأن سوريا لأبنائها ممن دفعوا أثماناً باهظة لتنهض.
فلا نعترف بتجاوب مساعي نزع هذه الحقوق من قبل ائتلاف وهيئة تفاوض ومدعين الحكومة المؤقتة ومسميات الجيش والفصائل وغيرهم من ادوات التلاعب السياسي فلا هم يمثلون صوت السوريين ولا مطالب السوريين بدولة القانون والحيادية تمثلهم، فلكم هؤلاء ولنا حقنا في أرضنا لا يغير بها حجر على حجر ولا ينبت فيها زرع الا بيد سورية وذلك هو الطريق القويم لمن ادعى وما أكثر المُدعين.