سقوط صفة قرار عن اثنان، اثنان، خمسة، أربعة.

١٠ حزيران ٢٠٢٣

د. سميرة مبيض

 

"اثنان، اثنان، خمسة، أربعة" ومن الأصح أن يُسقط عنه صفة القرار، فقد بات واضحاً لدى كل انسان سوري أن من لبثوا في عام ألفين وخمسة عشر لم يعد ممكناً أن يقدموا أي مفيد لسوريا اليوم فالورقة الوحيدة التي يتعلقون بها بات تنفيذها سراباً مقروناً بتدوير المنظومة الاجرامية القديمة وبتقسيم سوريا وهو ما يُناقض أهداف تأسيس مجلس الأمن بحد ذاته والذي صدر ضمن أروقته هذا القرار، والذي يحمل، المسؤولية الرئيسية عن صون السلم والأمن الدوليين وذلك مناقض لإعادة تدوير جهات أخلت وتخل بالسلم والامن الدوليين لذك سقط مفهوم القرار عن هذا التوجه فبعد أن كان مرتكزه الانتقال السياسي أصبح مرتكزه التقاسم السياسي والمقايضات وتقاسم الهيمنة والنفوذ ومعهما الأرض والشعب السوري.

 

وبعد أن تم الكشف عن التواطؤ بين كافة أطر المنظومة القديمة وبين انتاج وتوليد ودعم الترهيب وتهديد الامن والاخلال به في المنطقة وفي العالم لم يعد وارداً أن يتم تنفيذ ذلك القرار بالاعتماد على النظريات والسرديات والفرضيات الخاطئة التي انحرفت بها حال المنطقة لعقود وأدت الى ما هي عليه اليوم، فكشف الحقائق قوّم الموازين والأهم أن السياسات العالمية في هذا الزمن تبتعد عن أي نهج قد يحمل خطر تدوير نظم مُنشأة للأزمات أو داعمة لأي جهات ترهيبية أو متطرفة وهو حال نظام بشار الأسد كما الجهات الساعية لتقاسم السلطة معه، وبالتالي فان كل من يتعلق بحل إعادة التدوير يلبث ضمن سياق منظومة بشار الأسد بوزر ما عليها.

 

ذلك وقد شهدت الأيام الأخيرة مساعي محمومة لما يُعرف بهيئة التفاوض لمنح أهمية ل "اثنان، اثنان، خمسة، أربعة" لكونه التوجه الوحيد الذي يضمن لهم تقاسم السلطة مع منظومة بشار الأسد وحتى أنهم ساعون عبر بعض تياراتهم لإقناع الإدارة الذاتية، والتي حصلت على شيء من الاستقلالية في السنوات الماضية، بالعودة لنير الحكم الشمولي وبالتخلي عن أي مستقبل يمكن أن يضمن حرية السوريين واستعادة سيادتهم وهويتهم واستقلاليتهم الكاملة وتلك مساعي منحرفة تندرج تحت بند الاستغلال سياسي وتهدف للتغول على مكتسبات السوريين في الشمال السوري من قبل جهات لم تقدم أي تضحيات في سبيل تحقيق كرامة السوريين بل بقيت، كما نشأت، رديفاً للمنظومة الشمولية وأداة لمنع تطور ونهوض الشعب السوري. 

 

وتجدر الإشارة في هذا السياق الى أن قوى أمر الواقع في الشمال السوري، بمسمياتها المختلفة، لا تمتلك بأي حال من الأحوال حق التفريط بشبر من الأراضي السورية أو بالتضحية بدماء أي انسان سوري، فتلك المساعي المنحرفة للتطبيع لن تؤدي للحفاظ على الاراض السورية، كما يدعون، بل على العكس ستؤدي بشكل مباشر لاقتطاع جزء واسع من الأراضي السورية والتي يقيم عليها ملايين من السوريين الرافضين لهذه المنظومة ولممارساتها القمعية وسيستمر الحراك السوري في الشمال الى أن يتم التغيير الجذري بمعزل عن التوجهات السياسية لهذه الجهات والتي لا تأبه بمطالب السوريين وتمسكهم باستقلاليتهم ولا بسيادتهم.

 

يأتي هذا المقال، كجرس انذار للسوريين بسوء هذا المسار فسلب أراضيهم وحقوقهم بات هاجساً لجهات عديدة نتيجة لطيلة فترة الحكم الزبائني وتراكماته وتبعاته وهناك أدوات تنفذ هذه المساعي عن جهل أو عن علم وتحت مسميات عدة، فالتيقظ لم يعد واجباً وحسب بل ضرورة حيوية سورية دونها اندثار هذه البلاد وتشرد أهلها، ولنا في الكلمة رافعة للعمل ولتبني مسار النهوض فلا سبيل لسوريا سواه.