مؤتمرٌ للمناخ لا يمكن أن يرحب بمن ينتهك حق الحياة.

د. سميرة مبيض 

٤ نوفمبر، تشرين الثاني ٢٠٢٣ 

يقترب موعد مؤتمر COP28  القادم، وهو واحد من سلسلة طويلة من المؤتمرات التي تُعقد تحت مسمى التصدي للتغيّر المناخي برعاية مؤسسات الأمم المتحدة، ولكنها لم تحقق لغاية هذا التاريخ أي من أهدافها المُعلنة، لكن هذا المقال ليس موجهاً للتحليل العلمي لأسباب فشل هذه المؤتمرات اسوة ببقية مسارات الأمم المتحدة التي لا تحقق أي نتائج، لكونه أمر تم تناوله في مقالات أخرى كما تم تحليله بشكل مفصل من عدد كبير من الباحثين والعلماء الذين لم يلحظوا أي تقدم في هذا السياق منذ ثلاثة عقود تقريباً تبعت اطلاق جرس الإنذار العلمي حول التغيّر

المناخي وشهدت عدداً كبيراً من المؤتمرات حولها.

 

فهذا المقال يأتي في إطار جرس انذار آخر، يضع التناقض الهائل بين إقامة مؤتمر يدعي دعم سبل الحياة وبين حضور متهم بارتكاب جرائم انتهاكات إنسانية لمثل هذه المؤتمر، تحت المجهر وتحت ضوء المنطق والموضوعية كما تحت ضوء الأخطار اللاحقة. 

 

فمن جهة تتعرض سلسلة هذه المؤتمرات بحد ذاتها لنقض في المضمون والجدوى، وفي فراغ مسارها من أي منجزات تُذكر، وكما يعلم كل مطلع على التغيّرات التي تحل بكوكب الأرض في هذه الحقبة، فان هذه التغييرات ذات أبعاد تحمل أخطار جدية لا يمكن التعامل معها من منطلق التلاعب السياسي والمحاباة المنفعية، أو بأدوات التسويف والتعطيل وذر الرماد في العيون والتي تستخدم في كثير من قضايا العالم منذ عقود طويلة، فالتغيرات القادمة ستؤثر بشكل مباشر على كافة نواحي الحياة، السياسية، الاجتماعية، الاقتصادية، الصحية وسواها وهي من هذا المنطلق تتجاوز المنظومات السياسية، وتتجاوز مقدراتها المحدودة أساساً، وتصبح  قضية مصيرية تتعلق بحق الحياة وبكل من يمتلكه، فكيف سيُنظر اذاً لمؤتمر يستضيف من انتهك حق الحياة تجاه ملايين البشر، ومن ارتكب وساهم ويسّر وسهّل ارتكاب جرائم بحق مدنيين وأطفال، وما هو الأثر السلبي على قضية المناخ بحد ذاتها، التي ستواكب هذا السقوط الذي تحضر له الدولة المستضيفة لمؤتمر الكوب ٢٨ القادم، الامارات، بدعوة مجرم حرب، وبتحويل قضايا المناخ الحيوية للعالم، هي الأخرى لمنبر للمكايدات والمقايضات السياسية دون جدوى على الأرض، كما دأبت عادة المنظومات السياسية والمؤسسات الدولية بمعالجة كافة الملفات السياسية على مد العقود. 

 

لكن ملف التغييرات العالمية مُختلف، فهو لا يدرج تحت بند المظاهر بأي حال من الأحوال، وعلى عكس كافة القضايا السياسية فهو لن يتضاءل بالتقادم، بل على العكس ستزداد آثاره وضوحاً وخطورة بما سيجبر كافة الأطراف على التغيير الحتمي الذي يحقق أثراً ايجابياً على الأرض، لذلك تعتبر منظومة الحوكمة القديمة  والتي قامت بناء على ايعازات واملاءات الحقبة الصناعية /النفطية، غير مؤهلة لمسؤولية التصدي لهذه التحديات، لذلك تأتي التغيرات السياسية العالمية مواكبة لحقبة التغيير الطاقوي والمناخي ولا تنفصل عنه ولذلك يتوجب حجب الثقة عن أي جهة تعطل الجهد الإنساني المطلوب والمبذول في مسار التقدم الآمن للبشرية، فلا مبرر للقبول بضرر اضافي على هذه القضية العالمية الإنسانية يتمثل بالترويج لأيديولوجيات سياسية أو لنظم شمولية قمعية، على حساب قضية ذات قيمة عليا للبشرية ولأمنها المستقبلي. 

 

وفي هذه جميعها تبقى هذه الكلمات، ضمن اطارها الأعم من انتاج علمي وأكاديمي على مر العقد المنصرم، توثيقاً على أن من السوريين والسوريات من دعى ويدعي لتقويم المسار دون هوادة، عسى أن نُجنب المنطقة وأهلها مزيداً من الكوارث، فهو واجب وهي مسؤولية.